تعب المشوار

Published in: on 2023/02/09 at 11:31  اكتب تعليقُا  

مني إليك، ومنك إلي

المحادثة التي اسمها ( من قلب لا يخدع ولا يخون)
أنا قلت :
اذا كانت عبارة ” رب أخ لك لم تلده أمك ” صحيحة،! .. فهي صحيحة في حالة علاقتي بك سيد / سعد إبو حلتم ..
أنت إنسان نقي كنت أوشك على الظن أنه غير موجود .. لكن ” إن بعض الظن إثم ” ..
فرد علي هو :
إليك يا محمد أبو رحمة
قائلا : Said Abu Haltam

  • الأخ يا أخي كلمه قليله عليك .. وياما إخوه لا يربطهم ببعض الإ الدم وأرحام أمهاتهم ! عشت وأعيش بعضها .. أنت أكبر وأكثر من أخ .. أنت مدرسه في الرجوله والنقاء وكل فضل وفضيله على الأرض .. أنا ممتن لوسائل التواصل الاجتماعي التي قادتني إليك .. كنت أتعثر كثيرا ودائما وأنا أبحث عن رفيق وصديق او رفيقه وصديقه ولم انجح على مدى خمسة عقود الإ نجاحات باهته مؤقته لا تشبه ما أبحث عنه ولا تروي ما يتعطش له عقلي وقلبي وقلمي وهدفي ووعيي ومفهمومي وقيمي وثوابتي ومُثلي العليا … إلى أن قادني الفيسبوك إليك وبدأت اتابع ما تقول وما تكتب وفي كل مره كان وما زال عقلي يشعر بالرضى التام وتنتابه حاله من الإنبهار إن صح التعبير إذ أجد الثوره الجامحه والعزه والكرامه بحجم الكره الأرضيه والتمرد حد المخاطره والسخريه حد اختلاط دموع الضحك بدموع البكاء على واقعنا الذي هو أكثر عاراً من العار نفسه . أستمر في المتابعه والقراءه فأجد فيلسوفا وكاتبا وأديبا وشاعرا يتحدى الموقف ويتحدى المنطق ويتحدى كل السياسات..
    وكذلك يتحدى اللغه العربيه أن يكون قد جرح قواعدها وأصولها وبنيانها وكل بلاغتها أن تمسك عليه ولو خطأ صغيرا جدا ..
    (أنا يا أخي) ويا حبيبي أستطيع ان اكتب عنك وفيك الكثير وقلمي واصبعي وهما ينتقيان الأحرف لا تتناسب سرعتهما مع السيل الذي يتدفق من عقلي ووجداني بما يليق بك وما اود قوله عنك وفيك .
    هل عرفت من أنت بالنسبة لي ؟
    ما قمت وأقوم به لأجلك لا يساوي ذرة تراب قياسا بما لدي من استعداد لأقف معك وأعمل من أجلك .
    أعذرني على ما جاشت به مشاعري تجاهك لكننا لم نلتق لنقول ونقول ونقول ..
    أستعد للذهاب الآن للعمل .
    وإلى تواصل قريب .. أتركك في حفظ كل القلوب النقيه وكل الحصون المنيعه للثائر النبيل ،،
    يا أخي العظيم …

-ثم انا قلت :
ما زلت اقرأ ثم اقرأ هذه الرسالة منك ثم أعيد قراءتها …
ولكم أنا ممتن للحياة الآن ، ممتن للحياة جدا …
أن أكون تلقيت هذا المستوى من المودة ، والمحبة ، من إنسان مثلك .. أنا ممتن لحواسي الخمس .. وبالذات البصر أنه جعلني أقرأ ما خطه عقلك من كلمات ..
ولكم أثر بي ما كتبت إلى حد البكاء … واعرف ان كل عبارات الشكر ، والثناء لا تكفي .
لا شكرا تكفي ، ولا مودتي لك تكفي ، ولا سلمت ودمت تكفي، ولا حتى عبارات الدعاء في كل اللغات ، والديانات تكفي .
… أريدك أن تعرف ….
لقد قالوا قديما ” نفس الرجال يحيي الرجال” وانا عدت إلى الحياة بنفسك هذا الذي عكسته في رسالتك إلي . يا صديقي وأخي ..
… أنا ممتن لكل حرف كتبته أنا .. ثم انت قرأته ..
ومن ثم جعلك تراني بهذا الشكل..
وأقول لك! لك انت بذاتك .. شكرا من قلبي
.. شكرا من كل قلبي .

  • هو سيد أبو حلتم قال لي : أولًا أنت تزيدني شرف على شرف
    وثانيا أخجل من ضعف لغتي وبلاغتي أمام ما تكتب أنت .
    أنا كتبت بعاطفة الأخ وليس بفصاحة الكاتب .
    ثالثا معك حق .. مع أنني غير متأكد إن كنت سأزور الاردن قريبا او بعيدا أو سأبقى أناجيه !؟ لكنني ما كنت يوما مباشرا مع أن ما يقف بحلقي يخنقني ويكفي الكره الأرضيه شعورا بالقرف .
    وعليه أترك لك ما تحب وما تراه .. ومجرد إقتراح : فبالرغم من أنني أعرف أنك تتفهم .. لا انت الذي تفهم تبعات ما تفضلت به إلا أنني سأكون سعيدا جدا وأنا أقرأ لك عني ( عنا ) حتى بلا إسم .
    سلاما لك وموده واحترام ،،،

أنا قلت :
كلامك عني ، ونظرتك إلى ما أكتب تستحق النشر والتوثيق … أنت ابعد وأعمق ، وأغلى ، وأعز من كل من كانوا أصدقاء لي .
أقول لك : لك كل وردة وعطر وأرض خضراء .. ووادي يعيش فيه الصمت ، وجبل أو سبيل التقت فيه خطى الرجال. …
على سفر من أجل عشق
أو حرب أو حب ..
أو كل حال …

من : محمد أبو رحمة إلى عقلك العالي وروحك النبيلة . Said Abu haltam
العزيز المحترم …

Published in: on 2023/01/16 at 11:31  اكتب تعليقُا  

أنا بخير

انا بخير طالما انت في حياتي …
ولا يهم ..
أكنت بعيدة أو قريبة ..
أنا مشيتك الفدائية على تراب الأرق…
أنا رأسك المرفوع ..
أنا
وبوصلة القلق ..
أنا
وانا ابتسامتك في مرايا التحول …
وبعض الرضى
وبعض العتب ..
وشباك انتظارك في مرايا الشفق ..
أنا عمر من عناق الماء وروح كل حجر نقي وحزن في دمع ناي
وأنا السند ..
لو كنت تعرفين معنى الأب، والاخ ، والزوج ، والحبيب ، وابن البلد !
وأنا غناء دالية ، وروح ملامحك حين تضحكين من قلبك …
أنا يد ترجوك الا تبكي ولو نواياك ..
وأنا
أنا قوي أو ضعيف …
لا تقارني ظلي بأبطال الخداع في فيلم سينمائي

أنا بطل حقيقي ..
بوسعك أن تري بطيخة في يدي .. والبصل .. ومشتريات تخصك جدا … وماكينة اللحام .. وصوت المطرقة على حديد أيامي معك !
بوسعك أن تلمسي روحي .. 
بوسعك أن تكوني لي في أوضاع لا يجوز أن اقولها علنا ؟!
عيب علي !
بوسع روحك الحلوة أن تلمس أغنية تضيء قلبي ..
بوسعك الا تكوني لئيمة أكثر مما حصل !

– أنا ؟ أنا لئيمة؟  ما حصل ؟!
– لا حبيبتي … حصل ونص وخمسة .
– على فكرة .. دائما تقول: ونص وخمسة؟ .  عمرك فكرت نص شو؟ وخمسة شو ؟
– لا تغيري الموضوع .. رجعيلي قلبي ، متت برد  !

#محمد_أبو_رحمة
#جميع_الحقوق_لا_يمكن_حفظها

Published in: on 2022/06/16 at 11:31  اكتب تعليقُا  

بدون عنوان

مظفر النواب

عصفور النار وطائر الرعد وجنرال #الحرب_على_الجبهة_الثقافية

من لأولاد القحبة بعدك؟!   من يسقط عن عصر العهر ، أوراق التوت ويكشف عورات الحكام القوادين ؟ 
من سيشهر في وجه المسخ المتعفن في السلطة كل مرايا الصلصال الاول ثم يبصق في وجهه حتى يسيل البصاق ؟ 
من سيمسح البلاط بالوراقين والأنغال ، و"الثوار الكتبة" . 
من سيعيد قراءة  تاريخ المخصيين عبر شجرة عائلة يمتد من "عورة عمرو ابن العاص" ، إلى "ملك السفلس" ! وكل من (يؤلب باسم اللات العصبيات القبلية) .
وارى خوازيقا
صنعن على مقاييس الملوك 
وليس في ملك وخازوق ملامة
لله ما تذر البنادق 
حاكمين مؤخرات في الهواء 
ورؤوسهم مثل النعامة" 

من سيكون ساحر الألوان في غزل يحيل كل امرأة تقرأه إلى معجبة بذاتها، متعالية ، وقصيدة تمشي على قدمين ؟ 
من يجرؤ أن يوجه أسئلة البركان إلى انثى غامضة  :
- "هل تسمح سيدتي انساب إلى جانبها؟ ليس علي سوى برد العمر رداء "
- "من تشتريني بقليل من زوايا عينها؟" 
- "يا حب انت (هملتني) .. انت علمتني الهملنة! 
علمتني أضرب النرد لي ولنفسي كخصمين  ! " 

********
"تدري نوبات المحبة تمل ؟ 
واحبك من قهر .. 
.... 
غلطتك يالكنت كل شي وما دريت .. 
غلطتك صلحها بعدك انت كل شي .. "

في زمن الشعر المصقول بالثغاء ، ولعاب المرتزقة، والثقافة التي تمسح الأحذية ، وتتمرغ في مستنقعات الجوائز !  ...
 كنت المتسربل بالهجرات ، وبالإقامة في الغياب وما غاب .. والمتسلح بالسباب .. وبالأسباب. 
كنت الناي المرسل في روح القصب ، سلاحا في وجه القصاب .. أبانا الذي في البئر وفي السجن وفي مدارات العذاب .. 
لم يكسروك ، ارتقيت واقفا ولم يكسروك .. 

#محمد_أبو_رحمة
#جميع_الحقوق_لا_يمكن_حفظها
Published in: on 2022/05/20 at 11:31  اكتب تعليقُا  

من روايتي اللامرئي .. صقر الغريب .. والخروف .. والسينما 3 – 3

( تحديث) ملاحظات اولى :-
هذه المقاطع انشرها بمناسبة نشر قائمة الخمسين صحفيا الذين قيل انهم قبضوا من جهازالمخابرات داعيا الى نشر الرقم الحقيقي ليس فقط للذين قبضوا في عصر الذهبي بل وفي عصر البرونزي والحجري والخشبي .. وداعيا ايضا الى نشر كافة القوائم في كل القطاعات …

– بعض المقاطع من هذا الجرء من الرواية كتبت عام 1998 .. وهي محاولة اولية لفهم تكوين رجل المخابرات ، وطبيعة الفضاء الذي يحلق فيه ، او الماء الذي يخفيه أو البيئة التي تستنبته.
ولأنني بسبب “حوادث الثقة” ومشاكل التخزين لم اتمكن من الاحتفاظ بمسودتها وعوقبت على ماورد فيها سلفا – من قبل من يهمه الأمر – .. قررت ان انشر هذه الأجزاء دون ان انقص منها حرفا الا ما تقتضيه الضرورة الفنية نظرا لأنها لم تنشر كاملة بعد .

* * *

ان من يخنك لا يثق بك حتى وان كنت لا تؤمن بالانتقام

من دفتر يوسف

* * *

… افكر في عدم الذهاب الى استدعائه رغم أن رغبة جامحة تنتابني في النظر إليه عن قرب منذ صار مكشوفا امامي الى هذا الحد لكنني على الأرجح لن أذهب.

ما علينا حصلتُ على عملٍ في جريدةٍ ، مدققا لغويا في البداية، ثم محررا شاملا (يسمونه محرر ديسك) .أدركت خلاله أن العمل الصحفي للقادم من وسط الكتابة الإبداعية سيكون أقرب إلى وضع قناص محترف يلعب ببندقية طفل بلاستيكية كأنها حقيقية دون أن يعرف أنه يراقص حتفه ، أجل أعتقد أن هذا التعبير أدق.

في البداية استهوتني الكتابة في المجالين السياسي والإجتماعي ، ولن يفاجئك طبعا أن يكون الموضوع الذي بدأت به هو ما يسمونه في الدارج الصحفي (جرائم قتل الشرف) طبعا لم أقصد بالشرف – حين تناولت الموضوع – تلك الزائدة الأخلاقية التي اختزلت أبعد معاني الشرف في عضو بين فخذين ؟

إن الشرف الذي أتحدث عنه هو الموجود في عضو يفكر ، لا في عضو يبول .

وكانت سنين عديدة مرت على عثوري على الرضيع المقتول ، ولست أعرف كيف تحول في ذاكرتي مع الوقت إلى وضعية تشبه قصة هابيل في ذاكرة البشرية ، صار الخطيئة الأولى .

وكنت بدأت عملي بارتكاب أول ما يرتكبه المبتدئ في الصحافة من حماقات، أقصد تصديق أنه يعمل في صحيفة، مع أنني في الحقيقة تزحلقت في فم الإحتيال والتقيته في هيئة لغة ذكرتني بأيام القصص الموازية في حارة التينة .

أيام أردت أن أنجو من رسوب محقق في امتحان اللغة الإنجليزية في الثانوية .. وحين لجأت لصديق عريق في الغش.. قدم لي موضوع إنشاء يصلح لكل المواضيع ..

موضوع يبدأ هكذا ” إن هذا الموضوع مهم، وهو ضروري ، ومن المواضيع التي ينبغي أن يعرفها الإنسان، والموضوع مفيد لحياة الإنسان، وبقدر ما يلم بمعرفة في الموضوع سيكون في وضع أفضل مستقبلا ، فالموضوع …

” .خريفة الذبانة.
– هل تريدني أن أقول لك خريفة الذبانة ؟
– نعم.
– نعم أم ليس نعم، هل أقول لك خريفة الذبانة ؟
– قلها يا أخي.
– أخي أم ليس أخي هل أقول لك خريفة الذبانة؟

وهكذا تتحدثين عن الموضوع لا فيه ، حوله لا في جوهره ، كأن الكتابة ” قصة موازية ” يحترف من يؤلفونها لعبة المواربة .
كأن أحقاب القمع والتكميم والمنع ، قد تسربت ” لحقبة الديمقراطية ” على شكل روح شريرة تحول فيها الرقيب إلى قرين من الجن يحجز مكتبا في عقل الكاتب ويمارس موهبة القص بشكل آلي .
حتى أن قريني أبو مقص قد تدخل الآن ليحذف ثلاثة أمثلة تثبت بشكل قاطع وجوده في عقلي، لكنه سمح لي أن ألمح لك عن حالة واحدة فقط ، لأنها افتضحت على أية حال وصارت قضية رأي عام.

وهي الحالة التي أوردت فيها المعلومات أن شخصية لا يمكن ذكر اسمها قد ” لهطت” مليون ونصف من أموال صندوق ما يستخدم لتمويل أناس من فئة ما، ووجد ثلاثة أكباش فداء ما، ليلبسوا الطاقية أمام محكمة ما، مقابل أحكام ما، سيقضونها في سجن تجري من تحته الأنهار.

هل فهمت ما أقصد ؟ طيب طلعينا من الموضوع .

كان عملي كمدقق لغوي قد أرغمني على قراءة كل ما يرد إلى الصحيفة من مواد، ووضعني دون أن أعرف لماذا في وضع يشعر تجاهه الكثيرون بالرهبة.
أدركت وقتها أن عمل الصحفيِّ بالفعل ضرب من الغش، من الإحتيال لا على مراقبٍ حزينٍ في امتحان ثانوية .بل على الذات أمام مرايا الآخرين أحيانا، وأحيانا أمام بنادقهم ، في اختبار حياة أو موت، عمل أم بطالة؟

تغريد في السرب أم نشاز سيرميه في الشارع ، ولا تسأليني كم وجدت منهم خارج السرب ؟

انتبهت أن دور المدقق في الصحيفة أقرب إلى دور مشط القمل ، ولأن وظيفته تتطلب أن (يفللي الكلام) ، فهو لهذا السبب سيكون شاهدا على الكارثة .

كارثة ” كأننا وحرية التعبير من حولنا قوم جلوس حولهم حرية التعبير “. بل قوم جلوس حول حرية التعبير.

ولست أذكر من من المفكرين القدامى قال: ” أن النحو منطق العرب ، كما الفلسفة منطق اليونان” ؛ كان عملي ذاك قد جعلني أفهم هذه المقولة على نحو صدمني، كما لا أذكر أيضا من من المفكرين قال: ” إن تعقدت التفاصيل فعد إلى البداهات”.

وهكذا ابتعدت عن ” تفكيك اللابنيوية في التكعيب الماوراء دلالي” ، وعدت إلى بداهة ” إن الكلام جمل تحمل معنى يحسن السكوت عليه ” .

لكن ما وجدتني غارقا فيه من جمل غير مفيدة هو في الحقيقة ليس كلاما ، انما هراءٌ رأيتُ أغلَبه جديرا بأن يلقى في القمامة.

تساءلت ما الذي يمكن أن تعنيه عبارة مثل عبارة : “الرأي الآخر” . أفلا تحتاج عبارة كهذه إلى تتمة كي تصير جملة مفيدة؟

لو دخل أحد على أناس جالسين وقال:” سيارة الأجرة … ” وسكت ، ما الذي سيمنعهم من سؤاله : ما بها سيارة الكندرة ؟ سريعة؟ بطيئة ؟ ما بها؟

لكنني هناك ، هناك حيث المكاتب الأنيقة للصحيفة ، والسرب الأنيق شممت للمرة الثانية في حياتي رائحة “اللامرئي” ، ولم أشمه فقط بل حدست به أيضا.

كنت أقرأ مادة لكاتب يبدو أنه يستعمل اسما مستعارا ، إذ لم يسبق أن قرأت الإسم بين كتاب الصحيفة .وكان موضوعه ” أن باحثين في مركز أبحاث اكتشفوا أن أغلبية المواطنين يأتون زوجاتهم من الخلف ” .

فاجأني الموضوع طبعا ، بل أقرفني في وقت كنت أظنني أصبحت فيه أكثر احتمالا للقرف، ومع أنني أدركت، مع الوقت ، وإن بشكل عسير ، أن عملي يقف عند حدود تدقيق الكلام لا تغييره ، ولا قبوله أو رفضه ؛ إلا أنني وضعت خطوط كثيرة تحت أغلب الكلام؛ الذي ينضح بالفبركة.

فالخبر مسند إلى مركز أبحاث نكرة ، وباحثين نكرات ، لا ذكر لأسمائهم ولا لإسم المركز ، ناهيك عن أنني ، وتلك مسألة لن يتفهما في سواك على الأغلب، كنت اعتمد على حدسي في فهم الكثير مما أقرأ .

ولم أجد في هذا الصعيد إلا أن من كتبها يملك ما يكفي من القدرات في اللغة لإستنتاج أنه لا يمكن أن يكتب في هكذا مستوى إلا مدفوع الأجر، وأنه معروف إلى حد استوجب أن يستعمل اسما مستعارا .أما توقيت المادة فكان مجزرة في طاحونة الدم التي تجري في فلسطين .

ناقشت رئيس التحرير ، وصاحب الجريدة ، لم يصرا على نشر الموضوع فقط ، بل وعلى شكل مانشيت عريض على الصفحة الأولى . رفضت تحرير المادة طبعا ، وخرجت من الجريدة ولم أعد .

وسرعان ما تبين الهدف ، فما أن وزع العدد حتى كانت البلد تضج بالقرف والإستهجان، وكان وزير غيور على أعراض المواطنات يتقدم بمسودة لأسوأ قانون مطبوعات في تاريخ البلد.

وكانت الرصاصة؛ رصاصة ” قانون الغيرة على شرف الأمة ” تغتال صحيفتين “زميلتين” من أهم صحف المعارضة .

انئذ صارت لدي فكرة أوضح عن اللامرئي، وصار بوسعي أن أبدأ أولى تأملاتي في تركيبته .

ولست أقصد بالتأمل هنا ما يمكن أن يوحي به ظاهر الكلمة من هدوء، وسكينة، وحراك بطيء .لا تتخيليني في هيئة راهبٍ بوذيٍ حليقٍ (يتسلْبَدُ) حافيا في كهف.

لا . لا .فاللامرئي لا يدرك إلا صراعا، دون أن تقعي في فهم أنك تختارين هيئة التأمل الصراعية تلك ، لأنه ببساطة يفرضها عليك .

” أولم تخترهم مشيئة الرب كي يولدو في ملعبي “. قيل أنه قال .وقال ” متى ستفهم جموع الحمير بداهة أن من يولد في ملعب يعني أنه طرف في لعبة ؟! “.

حسنا. ركزي معي الآن.

اللامرئي طبعا لم يكن صقرا في أي وقت ، وما من معيارية لا فلسفية ولا متخلفة يمكن أن تفضي إلى تصنيفه بشكل قابل للتصديق أو الفهم .بل من بين ميزاته أنه لا يفهم فهما بل يحس ، بحاستين فقط . الحدس والشم.لأن له رائحة هي مزيج من دخان أعشاب برية وبعر أغنام وبخور غجر، قيل أنهم عثروا عليه في السهول البعيدة ، وباعوه لجاسوس انجليزي متخف في هيئة عالم آثار ، وقيل رباه محترف في سيرك كان يقدم فقرة تقوم على تلبيس الطواقي.

الأكيد أن له رائحة ، أما حكاية أصله فمشكوك فيها شأن كل الحكايات المتعلقة بأصل المعثور عليهم ، بل قيل أنه قال : أن أصل الإنسان هو ما يفعله .ونحن حتى لو سلمنا بذلك لن نعثر على حل لمشكلة أصله،

لأنه ببساطة لا يفعل شيئا

.تقمصي ، وغير مرئي ، يتصرف كصانع مصائر في واقع مواتي بامتياز.لكن أكثر الإشاعات رعبا حول شكله هي أن له أكثر من مليون ساق ويد مغطاة بشعيرات لزجة تتحرك كما لو أنها تعوم في ماء مظلم.

طبعا يمكن ببساطة افتراض أن هذه واحدة من خيالات قاطني القويسمة ، التي لا تخلو غالبا من حكايات الجن ؛ الذين يتحكم بهم عدد قليل من العرافين ، الشركاء غير المرئيين لأغلب رجال القويسمة في دخلهم الشحيح أصلا.حتى أن اللامرئي كان يعرف هذه التفصيلة عن أهل القويسمة، فظهر في هيئة جني لكل العرافين وزودهم لا فيما يعرفه من وقائع مجهولة حدثت لأناس عاديين انما بما سيحدث لهم أيضا ، مستغلا أحد قدراته المؤكدة وهي القدرة الخارقة لأذنيه .حتى قيل أنه وحيد الحاسة ، إذ يستطيع ولو كان في قاع المحيط أن يخترق بسمعه صفيح الكراجات ، وجدران مكاتب المحامين ، والقضاة ، وأدراجهم , وأسلاك الهاتف .

صقر الغريب أيضا بلا رئتين ، بل قيل أن له صدر يشبه صدر حمامة الزاجل، وهو لذلك سمي بالصقر تهكما لا التباسا ، مع أن إحدى الشائعات تقول : أن عالم الآثار الذي جاء به أطلق عليه هذا الأسم لأنه عرف أثناء رسمه للخرائط الحربية الخاصة “ببحثه التاريخي” أن أهل البلاد يحبون الصقور ، وأن ذلك حدث قبل تحول الصقر إلى الوضع الذي لا يعرفه فيه أحد .

ومع أن صقر الغريب شهواني إلى حد يتأيقن فيه داخل لذته الجارفة ؛ إلا أنه ، صدقي أو لا تصدقي ، لا ذكر ولا أنثى ولا مخنث .

لأن له نظام لذته الخاص به ، والمربوط حسب التوزيع الخاص لجهازه العصبي المركزي بأذنيه .حتى أن لذته في التنصت على حديث بين اثنين تفوق لذة رجل ضاجع اجمل امرأة ألف مرة .

وهو على كل ذلك غير نهائي الحواس أذ يمكن أن يكون أصما ، يقعد في مباراة بين فريقين يقسمان العرب عربين وأحيانا عربانا ويراقب تحول المدارج إلى ساحة حرب ، دون أن يحرك ساكنا , أي ساكن ، بل يتعامل مع الحالة كلها كما لو أنها صوت برنامح أطفال على تلفاز في غرفة مجاورة .

صقر الغريب مسكون ، دون أن يتمكن من السيطرة على ذلك ، بشهوة الإخضاع، إلى درجة أن رؤيته لخصم يركع توازي تنصته على حديث بين اثنين.بل تحتل شهوة اِلإخضاع وضعية الإقنيم المزدوج بالتنصت من أقانيم غرائزه ، لا فوقه ولا تحته، حسب التكوين الخاص لجهازه العصبي المركزي والمربوط بسادية ميؤوس منها.بل قيل أن صقر الغريب منع الكثيرين من ضحاياه من الإنتحار، وتركهم كأرواح شلها الخدر تهيم في الظلام اللزج للسينما الخاصة به وأقامها مهندسون محترفون أرسلهم عالم الآثار.إذ أن أحد قواعد اللعبة في تلك المرحلة من الصراع مع الصقر تقضي بفقدان الهائمين في اللزوجة حق الخروج من اللعبة، ومتى كان لهم أي حق؟.

حتى عندما يرغب أحد في العودة إلى مقبرة الحياة العادية ، ويعلن على الملأ :

“أن كل ما أشاعه اللامرئي عني صحيح ، أجل كنت مصابا بجنون العظمة ، وزير نساء أنصب مصائد الرذيلة لبنات الناس وأخونهن، وشاذ ، ومتعاطي حبوب، وموتور، وفاشل في الحصول على عمل ، وحتى عندما أحصل عليه أتركه مزاجيا، أذل زوجتي وأقمعها كتعويض عن فشلي في معارك وهمية، خضتها، دون كلل، مع شخصية اختلقها عقلي المريض، وأطلقت عليها ثلاثة أسماء هي “الذي لا يعرفه أحد” و صقر الغريب و اللامرئي .

ثم أني مأجور لجهة خارجية أو أجنبية أو عدوة، ومتآمر على أمن البلد أستغل أجواء الشفافية التي يرفل بها الناس كما ترفل الحسناء بلا ثياب.
بل شوهدت، في ظروف تجلب الشبهة، وأنا أتبصبص على مفاتنها بدلا من أن أستر عليها ، ” ومنحرف عن مسار النقد البناء إلى جلد الذات بسادية لا تليق بموحد بالله ، ولا حتى بكافر به ” ، ومفصوم أحمل فكرا يتعاطف مع القطاع العام ، ويؤمن باقتصاد الزيت والزعتر على الخبز البايت، ولكني في نفس الوقت حاقد على الموظفين، لا لأنهم اختلقوا دفاتر وصولات لا يعرف بها غير زوجاتهم، وأنشؤوا مكاتب مزدوجة على هيئة بسطات وكتاب استدعاءات ، انما لأن الموظف رمز الدولة، وأنا بعد كل ذلك لعين والدين، ويجب أن أضرب بالصنادل والشباشب ” .

لكن كل ذلك لن يخرج الأحمق الحزين من مصيره المحتوم روحا مشلولة أخرى تهيم في اللزوجة .بل تعد تلك الرغبة، أقصد في الخروج من اللعبة، أحد العلامات التي طالما انتظرها صقر الغريب، كي تشكل بالنسبة له ، بداية قوس النهاية، الذي ستتوقف مدته وأدواته على قدرة خصمه على المكابرة فقط .

لكن أغرب حالتين من تحولات صقر الغريب هما أمين سر ميت الأعصاب لتنظيم سري ، يهرب الأسلحة والمعلومات بقصد استعمالها بالإشتراك وعلى وجه غير مشروع من شأنه المساس بأمن الدولة ، محكوم بالسجن المؤبد ومفرج عنه قبل صدور الحكم لحسن سيرته ومعلوماته ، ثم يظهر في هيئة صياد هندي على الشواطئ البعيدة باسم باهاران ياهور .

ومايسترو حزب معارض ، هكذا أسماه اللامرئي ، “أريده أن يكونني على هيئة مايسترو.. لا أمين عام ولا أمين سر، ولا أي لقب من تلك التي اختلقتها قريحة الحمير من فضلات اليسار ” . قيل أنه قال . وقال:” طالما أنه سيعمل من أجل حشد المدمنين والمومسات في مواجهة العدو، وحماية الأمة من التصحر وانفلونزا الطيور ، فهذه الكائنات الرائعة من اللواتي يعرفن بالضبط لماذا خلقهن الله ستحتاج إلى مايسترو … مايسترو ينظم إيقاع الشبق الوطني في مواجهة بعض أركان السلطة ممن يصرون على حراسة أخلاق بائدة تملقا لمركبات اجتماعية تهرأت في التخلف “.

اللامرئي اقتصادي من صنف فريد ، وغريب الأطوار فهو يرد مثلا على حملة مقاطعة بضائع العدو ، بحملة مضادة لتشويه البضائع المحلية ومقاطعة البضائع العربية . مثلا .

ومثلا قدحت في عقله ذات ذروة شبقية فكرة أن:- “المومس ليست فقط عبدة مابين أفخاذها وأفخاذنا . بل وثروة استراتيجية” . قيل أنه قال . وقال:- إذا كان سعر برميل النفط ( 50 ) دولارا في المعدل . فهذا يعني أن يومية مومس، إذا ما استثنينا أيام الدورة ، وإجازاتها السنوية ، تعادل ثلاثة براميل نفط .

وهكذا شكل لجنة تتكون من ثلاثة أعضاء هم :

هو أمينا للسر .

وهو نائبا للرئيس .

ويرأسها هو .

وترك اسمها لعالم الآثار الذي رحب في رسالة مختزلة بالفكرة واصفا إياها ” بالعبقرية إلى درجة أنها تبدو من أفكاري! ” . ومقترحا أن يرمز إليها بالحرف (.6 x) وعين المايسترو وأربعة من المكتب السياسي لحزبه ، وكاتبا ساخرا كمستشارين لدراسة خطط استراتيجية لبناء مصنع لتعدين المومسات يشرف على إدارته قسم العلف ، بعد أن زوده بإذاعة تبث بأربع أسماء وثلاث لغات ، وقناة فضائية تبث بستة أسماء ، وخمسة صحف .

وما أن مر عام على لجنة ( x.6) حتى بدأ الحصاد ، إذ تضخمت الملفات في محكمة القضايا الشرعية إلى ثلاثة أضعاف ، وازدحمت محكمة الجنايات بقضايا هتك العرض ذات المنشأ العشقي ، وعلاقات المحارم ، وتضاعفت جرائم القتل دفاعا عن الشرف ومنحت تراخيص لمئة واثنين وستين محلا للتدليك والمساج ، وتم تعديل ستة قوانين ” تعيق انتاج نفطنا وتعرقل اقتصاد الوطن ” ، والغى الف خطة وضعها وزراء تخطيط متخلفون لاستثمار منطقة قيل أنها تحتوي على معادن لا تقدر بثمن لأن قيمتها في النفط السياحي أعلى! .

صقر الغريب كائن احتمالات من طراز خرافي ، فهو يعرف عن طريق أقل حواسه استعمالا وهي الشم، ما الذي يمكن أن يحدث لو نجح في الثانوية مئة ألف وطالب واحد ، ناهيك عن تسعة وتسعون ألف وتسعمئة وتسعة وتسعون طالبا .

احتمالات احتمالات ، إذا انهار فلان من الجماعة الفلانية فمن الممكن أن يصلي أو يلحد أو يجن ، إذا صلى لا يمكن أن يكون من القاعدة ، وإذا الحد يمكن أن يصير نصابا ، أما إذا جن فسيكون عبرة لكل مرضى جنون العظمة الذين أوهمتهم تنظيرات الكلاب الضالة من صنائع الروم والفرس أن بوسعهم العبث في ملكوت صقر الغريب .

اللامرئي لا يعبد الله ولا أي إله ، لكنه مع ذلك يعرف منسوب الله في دم كل بيدق في حدود رقعة شطرنجه الموثقة في خرائط عالم الآثار، فردوسا مستقلا بذاته موجودا منذ آلاف الأحقاب والدهور .فالله هو القاتل الحقيقي لكل هذا العدد من المنتهية أعمارهم في المجزرة الخفية داخل المستشفيات ، والقسمة والنصيب هي التي جلبت شمام التنر إلى خطوبة ريما فانقلب الحفل ملحمة ، بل وأكد ذلك ثلاثة عرافين أحدهم على ألأقل أمه جنية .وحكمة الله في توزيع الأرزاق هي التي أخرت ملف فضل في ديوان الخدمة عشرين عاما، أما رضى الوالدين فهو الذي عين خالدا حتى قبل حفل التخرج .

ثم قاضى من أتباع ديانة هي ما فوق دادائية وما دون بوذية أطلقوا عليها اسم الإسلام الوسطي يظهر في هيئة خطيب جامع يسهب في الحديث عن نواقض الوضوء ، وأحكام المرأة الحائض محذرا أخته في الله أن تغسل من خلف إلى أمام .

بينما يبتلع الأمريكان ثاني القبلتين بعد أولاها ، ويدوسون على مطبعة سنحاريب في” بلاد أهل الشقاق والنفاق الذين أصابهم ما كتب الله لهم ” ، مؤجلا معركته مع اليهود إلى أن ينطق الحجر ويخرس الغرقد، قبل أن يختم بدعاء يوحي أن الله كان أحد الموقعين على اتفاقية سايكس بيكو.

صقر الغريب، وتلك واحدة من قناعاته الراسخة، يعتقد أن ألأيقونة الربانية، التي يحيى داخلها هي في الحقيقة كوكب خاص، له مداراته المحتومة في شطرنج المجرات .”

أوليست الأكوان كلها على أية حال شطرنج أمام الرب ؟ ، وكل شيء بيادق عليها ؟ “. قيل أنه قال .

وقيل أيضا، أنه يؤمن بأن يوما، ليس ببعيد، سيأتي بعالم أفلاك، تقدح الآلهة في عقله مشاعل النور، على هيئة استبصار آينشتاينيّ ، ويبرهن على ذلك.
ما علينا

يتبع قريبا 3-3

جميع الحقوق لا يمكن حفظها
moh.aburah@gmail.com

Published in: on 2012/02/09 at 11:31  اكتب تعليقُا